ناسا تختبر بنجاح المفاعل النووي “Kilopower” المخصص لدعم إرسال بعثات مأهولة نحو القمر و المريخ

قامت وكالة ناسا ، بالتعاون مع وزارة الطاقة الأمريكية ، بتطوير نظام طاقة لمفاعل نووي صغير وخفيف الوزن يسمى “Kilopower” ، و الذي يمكن أن يتيح استكشافًا غير مسبوق للقمر والمريخ و عوالم أخرى  أبعد في نظامنا الشمسي.

و قد أعلن الباحثون في ناسا يوم الأربعاء أن نموذجًا أوليًا قد اجتاز بنجاح سلسلة من الاختبارات.

مفاعل Kilopower، هو نظام طاقة انشطاري قادر على توفير ما يصل إلى 10 كيلوواط من الطاقة الكهربائية لمدة عشر سنوات على الأقل. هذا يكفي لتزويد العديد من المنازل بالطاقة. وتقول ناسا إن أربع وحدات ستكون كافية لتزويد مركز استيطاني بالطاقة في عالم غريب.

وقال “ديفيد بوستون” كبير مصممي المشروع في مختبر لوس ألاموس الوطني في مؤتمر صحفي يوم الاربعاء  : “هذا هو أول مفاعل جديد ليس فقط للفضاء وليس فقط بالنسبة لوكالة ناسا ولكن الأفضل من أي نوع في الولايات المتحدة منذ 40 عاما…. لقد أظهرنا مفهومًا يمكن لوكالة ناسا استخدامه حاليًا إنها جاهزة لبرنامج البعثات الفضائية المقبلة”.

وقد عملت وكالة ناسا والإدارة الوطنية للأمن النووي على إجراء اختبارات على المفاعل لمدة خمس سنوات تقريباً و كانت آخر إعلاناتها في يناير الماضي. و خلال التجراب ، قام الباحثون بتشغيل مفاعل يعمل باليورانيوم لمدة 28 ساعة بكامل طاقته.

و أضاف “بوستون” : “هذه بالفعل هي الخطوة الأولى في استخدام طاقة الانشطار في الفضاء”.

و ذهب بعض الباحثين خلال المؤتمر الصحفي إلى أبعد من ذلك حيث قالوا : “إن Kilopower هي الخطوة الأولى نحو تحقيق قدرات الانشطار المذهلة في الفضاء “.

مشكلة الطاقة في الفضاء

Screenshot_21.jpg

ناسا لديها أهداف كبيرة. حيث تقوم الوكالة بتطوير صاروخ ضخم يسمى “نظام الإطلاق الفضائي” ، تريد إنشاء محطة فضائية بالقرب من القمر  و تخطط لإرسال بعثات إلى سطح القمر ، وربما حتى رواد فضاء نحو المريخ بحلول عام 2030.

لكن لكي تفعل كل ذلك ، يجب على ناسا أن تعرف كيف تولد طاقة كافية لتشغيل أنظمة حيوية لبعثات طويلة الأمد في الفضاء.

وقال “جيمس رويتر” القائم بأعمال المدير المساعد لمديرية بعثة تكنولوجيا الفضاء التابعة لناسا خلال المؤتمر الصحفي : “من المحتمل أن نحتاج إلى مصادر طاقة كبيرة لا تعتمد على الشمس ، خاصة إذا كنا نريد أن نعيش خارج الأرض”.

مضيفا : “على سبيل المثال ، تعتبر الترسبات الجليدية موردا حاسما في التربة القمرية ، ويمكن استخراجها و استخدامها ، ولكن العملية تتطلب الكثير من الطاقة للقيام بذلك”.

كما ستحتاج القواعد خارج الأرض إلى أنظمة الطاقة التي تعيد تدوير المياه وتحديث إمدادات الهواء وتوليد الوقود و الضوء و غيرها.

وقال رويتر : “دراساتنا تقول اننا ربما نحتاج الى ما يصل الى 40 كيلوواط من الطاقة على سطح القمر ثم بعد ذلك سنطمح لحسابات سطح المريخ”.

حاليا ، تعتمد البعثات الفضائية عادة على الطاقة الشمسية أو خلايا الوقود. لكن الليل على القمر يستمر لحوالي 14 يومًا ، كما ان ضوء الشمس أقوى بحوالي 40 في المائة  في المريخ مقارنة بالأرض ، لذلك قد يكون من المستحيل الاعتماد على الألواح الشمسية. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن للعواصف الترابية المريخية تخريب الألواح الشمسية.

و تمتلك ناسا إمدادات طاقة نووية صغيرة لتمكين البعثات الروبوتية الطموحة. لكنها تعمل على الاضمحلال الطبيعي للبلوتونيوم 238 ولا تقدم قدرة كبيرة من الطاقة الكهربائية. بالإضافة الى ان هذا النوع من البلوتونيوم هو أيضا مكلف و قليل الوفرة.

وقد دفعت مشاكل الطاقة هذه ناسا إلى تطوير مفاعل Kilopower  ، الذي يعمل بطاقة الانشطار ، وهي نفس العملية التي تستخدمها محطات الطاقة النووية على الأرض. تم تصميم المفاعل ليكون آمنًا وطويل الأمد وموثوقًا وقابل للتوسعة بالنسبة لكثافة الطاقة.

وقال ‘رويتر’  : “هذه التكنولوجيا نعتقد أنها ستكون الوسيلة الأكثر فعالية لتزويد البعثات المأهولة بالطاقة”.

خصائص مفاعل Kilopower

Screenshot_22.jpg

“Kilopower” هو مفاعل نووي صغير ، على شكل مظلة  محصن عمليا من الذوبان.

ويكمن الأمل في أنه بمجرد زيادة سعة و قدرة تشغيل المفاعل ، يمكن أن يثبت رواد الفضاء عدة وحدات على سطح القمر أو المريخ ، ثم يعملون على ربطهم بالنظام، الذي يستطيع إدارة نفسه لمدة 10 سنوات أو أكثر.

و يعتمد هذا النظام على تفاعل الانشطار ، الذي يحدث عندما تنشطر الذرات ، وتطلق نيوترونًا واحدًا أو أكثر حيث تولد كتل الطاقة. لكن بعض المتغيرات فقط للعناصر لها الخصائص الصحيحة لإنشطار الذرات القريبة ، و التي تعمل على إطلاق المزيد من النيوترونات في العملية ، والحفاظ على تفاعل متسلسل.

اليورانيوم -235 هو واحد من الذرات المناسبة الوحيدة لهذا التفاعل ، وهو ما يشكل نواة وقود واسعة بقطر 6 إنش في مفاعل Kilopower. و لا يمكن لمثل هذه الكمية الصغيرة من اليورانيوم -235 أن تنشطر بشكل جيد ، لذا فهي محاطة بدرع من البريليوم ، وهو معدن يعكس النيوترونات في الوقود ، مما يزيد من معدل الانشطار و توليد الحرارة.

و للتشغيل والإيقاف ، يستخدم Kilopower قضيب من مادة كربيد البورون ، والذي يمتص النيوترونات. حيث عندما يتم سحب القضيب ، يتم تشغيل المفاعل ، لأن النيوترونات يمكن أن تتحرك بحرية ثم تنشطر ذرات أخرى. ف ي حين إن انزلاق القضيب إلى قلب الوقود يغلق سلسلة التفاعل.

و تمتص أنابيب الحرارة المملوءة بمعدن الصوديوم الحرارة من التفاعلات و تدفعه إلى محولات “Stirling” في الأعلى. تستخدم تلك المحولات الحرارة لدفع جهاز يشبه المكبس ، والذي يولد الكهرباء أثناء انتقال الحرارة من خلاله.

كما ان الحاجة لإبقاء المحولات باردة – وتدفق الحرارة المتدفقة من خلالها – هو مفتاح صنع الطاقة الكهربائية. لذا ، فإن المشعاع القابل للطي ، و الذي يشبه المظلة والمصنوع من معدن التيتانيوم يتوضع في الأعلى و يشع بالحرارة الفائضة إلى الهواء أو الفضاء.

في مارس ، اختبرت ناسا تلك العملية في تجربة أطلق عليها اسم “المفاعل Kilopower باستخدام تقنية ستيرلنغ” أو “KRUSTY”. و أنتج تشغيل الاختبار حوالي 100 واط من الطاقة الكهربائية ، أو ما يكفي لتشغيل مصباح ساطع .

لكن “بوستون” قالت إن المفاعل يمكن أن يصل إلى 10 كيلوواط بسهولة( أي أكثر من 100 مرة ، أو ما يكفي لتشغيل منزل نموذجي) او حتى ميغاواط. ووصف التجربة بأنها “ناجحة بشكل لا يصدق” .

وقال بوستون : “اعتقد الناس أنه سيكلف مليارات الدولارات لتطوير هذه المفاعلات. أظهرنا أنه يمكننا تصميم وبناء واختبار مفاعل بأقل من 20 مليون دولار “.

من المتوقع أن يكون آمنا ؟

Screenshot_20.jpg

يقول الباحثون الذين يعملون في فريق مفاعل Kilopower  إنه من الآمن إطلاقه واستخدامه بشكل لا يصدق ، حتى لو كان هناك انفجار صاروخي أو حادث آخر.

و خلافا لمعظم المفاعلات على الأرض ، لا يستخدم Kilopower المبردات السائلة مثل الماء. و يمكن أن تكون المياه مشكلة لأنها قد تتحول إلى بخار إذا أصبحت ساخنة للغاية ، ويمكن أن تنتشر الملوثات بسهولة أكبر. و من ناحية أخرى ، يبقى الصوديوم في أنابيب الحرارة الخاصة بـ Kilopower صلبًا حتى يذوب بواسطة حرارة المفاعل.

بالإضافة إلى ذلك ، اليورانيوم 235 ليس مشعًا للغاية ، على عكس الاعتقاد السائد.

ويكمن الخطر الاكبر في  تشغيل الجهاز دون قصد ، على الرغم من أن “رويتر” ألمح إلى أن هذا مستحيل تقريبًا نظرًا للطريقة التي صمم بها Kilopower.

و يأمل الباحثون من وراء هذه التجربة أن ينشئوا برنامجًا مع وكالة ناسا لبناء وحدات واسعة النطاق واختبارها و استعمالها في غضون 18 شهرًا.

وقال “بوستون” إنه يريد في نهاية المطاف تطوير أنظمة الدفع الفضائي مع المفاعل الذي  : “يمكن أن يجعلنا نكتشف أماكن أسرع بكثير وأبعد بكثير من أي وقت مضى”. “لا توجد خطط لإرسال مفاعل Kilopower إلى الفضاء في الوقت الحالي” .

 

اقرأ أيضا : “ناسا” تعلن إلغاء بعثة استكشاف سطح القمر

 

 

المصادر : 12

تعليقان

    التعليقات معطلة.