لأول مرة علماء يرصدون موجات الجاذبية التي تنبأ بها أينشتاين قبل 100 عام

لأول مرة قام العلماء برصد موجات الجاذبية ، والتموجات في المكان والزمان التي توقعها ألبرت أينشتاين في نظرياته التي تعود الى قبل 100 عام.

و قد ساهم هذا الإكتشاف الذي اعتمد على دراسة الموجات الناجمة عن اصطدام نجمين من النيوترونات الكثيفة للغاية قبل نحو 130 مليون سنة، في حصول ثلاثة علماء امريكيين على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2017.

ما هي موجات الجاذبية؟

من أجل فهم أفضل لهذه الظاهرة، دعونا نعود بالزمن الى عام 1687 عندما نشر إسحاق نيوتن بحثه Philosophiæ Naturalis Principia Mathematica  وقال انه يعتقد أن الجاذبية قوة تنتج بين كتلتين . سواء كان ذلك الأرض والقمر أو اثنين من حبات البازلاء على سطح الطاولة.

غير أن الكيفية التي يتم بها نقل هذه القوة لم تكن مفهومة جيدا في ذلك الوقت. في الواقع لم يتم اختبار قانون الجاذبية نفسه الى من قبل العالم البريطاني هنري كافنديش في 1798، حين كان يقيس كثافة الأرض.

و نعود بالزمن إلى 1916، عندما قدم أينشتاين الفيزياء بطريقة جديدة للتفكير في الفضاء والوقت والجاذبية. واستنادا إلى العمل المنشور في عام 1905، فإن نظرية النسبية العامة مرتبطة بما كنا نعتبره عادة كيانات منفصلة – المكان والزمان – إلى ما يسمى الآن “الزمكان”.

ويمكن اعتبار أن الزمكان هو نسيج الكون. وهذا يعني أن كل العناصر و الموجودة تتحرك من خلاله و في هذا النموذج أي شيء له كتلة يكون له تأثير على النسيج الزمكاني.حيث كلما كانت الكتلة أكبر كلما كان التأثير أكبر. وبما أن كل جسم متحرك يتحرك عبر الزمكان، فإنه سيتبع أيضا التشوهات الناجمة عن الكائنات الأخرى ذات الحجم الأكبر .

و كمثال لدوران الأرض حول الشمس، الكتلة الضخمة للشمس تشوه الفضاء من حولها، تاركة كوكبنا الصغير يتبع مسارا محددا،  و هذا هو السبب في جعلنا ندور حول الشمس.

o-EARTH-ORBITS-SUN-facebook.jpg

أي جسم يتحرك عبر النسيج الزمكاني يسبب موجات أو تموجات.و من خصائص هذه التموجات انها تختفي أيضا بسرعة إلى حد ما، حيث فقط الأحداث الأكثر عنفا هي التي تنتج تشوهات كبيرة بما فيه الكفاية ليتم رصدها من الأرض.

لوضع كل هذا في المنظور، اثنين من الثقوب السوداء اصطدما حيث كل ان كل ثقب  تبلغ كتلته عشرة أضعاف الشمس و هذا من شأنه أن يؤدي إلى موجة تسبب تشويه 1٪ من قطر الذرة عندما تصل إلى الأرض. على هذا النطاق، فهذا التشويه يقوم بتغيير 0.0000000000001m في قطر الأرض مقارنة مع التغييرات التي يسببها المد والجزر.

كيف يمكننا الاستفادة من موجات الجاذبية ؟

بالنظر إلى أن هذه التموجات صغيرة جدا وصعب الكشف عنها، فقد يطرح السؤال : لماذا بذلنا مثل هذا الجهد للعثور عليها ولماذا يجب أن نهتم لاكتشافها؟، هناك سببان يتبادران إلى الذهن ، الأول هو تنبأ أينشتاين قبل 100 سنة. وبالتالي فإن تأكيد وجود موجات الجاذبية يوفر مزيدا من الدعم القوي لنظريته للنسبية العامة.

وبالإضافة إلى ذلك، يمكن بالتأكيد فتح مجالات جديدة للفيزياء و علم الفلك. من خلال دراسة موجات الجاذبية عبر العمليات التي تنبعث منها (في هذه الحالة اندماج الثقوب السوداء ).

Web_NASA_binary star merger__gravitational_waves.jpg

و قد تمكن  (مرصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري) المعروف اختصارا ب “Ligo” من التقاط موجات الجاذبية هذه حيث قام المرصد بتقسيم شعاع الليزر في اتجاهين عموديين ثم إرسالهم عبر نفق فراغي طويل. ثم يتم عكس المسارين مرة أخرى من قبل المرايا إلى النقطة التي بدأ فيها، حيث يتم وضع كاشف، و إذا حدثت اختلافات في هذه الموجات أثناء عبورها المسار ، فإن إعادة التجميع ستكون مختلفة عن الحزم الأصلية

يطمح العلماء لتطوير مقاييس التداخل الفضائية خلال العقد المقبل ستستخدم أجهزة ليزر تمتد لمسافة تصل إلى مليون كيلومتر.

والآن بعد أن علمنا بوجودها، فإن الأمل هو أنها يمكن أن تساهم في الإجابة على بعض أسرار العلوم الكبرى، مثل تكوين غالبية الكون. كما نعرف أن 5٪ فقط من الكون هي المادة العادية مع 27٪ المادة المظلمة و 68٪ المتبقية من الطاقة المظلمة.

و قد توفر موجات الجاذبية الآن أداة لتحري هذه الأسرار بطريقة مماثلة للتغيير الذي أحدثته الأشعة السينية والتصوير بالرنين المغناطيسي في دراستنا لجسم الإنسان.

و توصل العلماء أيضا في هذا الاكتشاف الى أن المعادن الثقيلة و الثمينة وغيرها تم تفجيرها في الفضاء بعد اندماج النجوم.

وقد حاول علماء الفلك معرفة كيفية اكتشاف هذه الظاهرة منذ القرن الماضي، منذ أن تم التنبؤ بها لأول مرة من قبل ألبرت أينشتاين في نظريته للنسبية العامة.


اقرأ أيضا :


جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2017 تُمنح للإكتشافات حول موجات الجاذبية

المصادر : euronews   earthsky

تعليق واحد

    التعليقات معطلة.