علماء الفلك يستخدمون الذكاء الاصطناعي لرصد الإشارات الراديوية الغامضة من المجرات البعيدة

توسعت استخدامات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في السنوات الاخيرة الى العديد من المجالات ، حيث أصبحت مراكز البحوث تعتمد على قدرات تعلم الآلة للمساعدة في تسريع معالجة مجموعات البيانات الضخمة.

ويبدوا أن هذا النهج الجديد بدأ يؤتي ثماره بالنسبة لعلماء الفلك والذين يقومون بدراسة البيانات التي توفرها التلسكوبات العملاقة حيث تمكنوا من اكتشاف المزيد من الإشارات الراديوية الغامضة تنبعث من المجرات البعيدة.

و استخدم الباحثون في  برنامج “Breakthrough Listen” الذي تبلغ تكلفته 100 مليون دولار ، وهو مشروع البحث عن الحياة الذكية في الكون “SETI” تقوده جامعة كاليفورنيا بيركلي ، تقنيات تعلم الآلة لاكتشاف 72 تدفق راديوي سريع من مصدر غامض على بعد 3 مليارات سنة ضوئية من الأرض.

تعتبر هذه التدفقات الراديوية السريعة من بين الظواهر الأكثر غموضاً في الكون. فهي قوية للغاية لكنها تستمر لأجزاء من الثانية فقط ، ويعتقد أن مصدرها المجرات البعيدة. غير أن مصدر هذه الانبعاثات لا يزال غير واضح. وتتراوح النظريات بين النجوم النيوترونية الممغنطة للغاية والمنتشرة من خلال تدفقات الغاز لثقب أسود فائق الضخامة ، إلى الاقتراحات بأن خصائص الانفجار تتسق مع تواقيع التكنولوجيا التي طورتها حضارة متقدمة.

وقال “أندرو سيميون”، من مركز بيركلي SETI للأبحاث و الباحث الرئيسي في البرنامج  : “إن هذا العمل مثير ليس فقط لأنه يساعدنا على فهم السلوك الديناميكي للانفجارات الراديوية السريعة بمزيد من التفصيل ، ولكن أيضًا بسبب الوعد الذي تظهره لاستخدام تقنيات تعلم الآلة للكشف عن الإشارات التي لم تستطع الخوارزميات التقليددية الكشف عنها”.

يطبق برنامج “Breakthrough Listen” أيضًا خوارزميات تعلم الآلة للعثور على أنواع جديدة من الإشارات التي يمكن أن تأتي من حياة خارج الأرض.

و في حين أن معظم التدفقات الراديوية السريعة (FRBs) تحدث مصادفة و لمرة واحدة دون سابق انذار ، الا أن الاشارات التي سجلها الفريق من المجرة القزمية “FRB 121102” كانت فريدة وعبر تدفقات المتكررة. وقد جذب هذا السلوك انتباه العديد من علماء الفلك الذين يأملون في تحديد السبب والفيزياء المتطرفة خلف هذه الظاهرة.

قام الفريق الأول بقيادة “فيشال غاجار” الباحث في مركز بيركلي “SETI” بتحليل سابق للبيانات التي تم تسجيلها خلال فترة خمس ساعات في 26 أغسطس 2017 ، بواسطة تلسكوب “Green Bank” في ولاية فرجينيا الغربية و التي يبلغ حجمها 400 تيرا بايت من باستخدام خوارزميات حاسوبية تقليدية لتحديد 21 تدفق راديوي خلال تلك الفترة. وقد رصدت كلها في غضون ساعة واحدة ، مما يشير إلى أن المصدر يتناوب بين فترات السكون والنشاط .

و طور “جيري تشانغ” طالب الدكتوراه في جامعة كاليفورنيا بيركلي وفريق من الباحثين بعد ذلك خوارزمية جديدة قوية تعتمد على تعلم الآلة وأعادوا تحليل هذه البيانات ، حيث وجدوا 72 إشارة إضافية لم يتم اكتشافها في الدراسة الأولية . وبذلك يرتفع العدد الإجمالي للتدفقات المكتشفة من مجرة “FRB 121102” إلى حوالي 300 منذ اكتشافها في عام 2012.

وقال تشانغ : “هذا العمل هو مجرد بداية استخدام هذه الأساليب القوية للعثور على هذه الإشارات الغامضة ” ، “نأمل أن يلهم نجاحنا المساعي الأخرى الجادة في تطبيق تقينات الذكاء الاصطناعي على علم الفلك الراديوي”.

وقد استخدم فريق “تشانغ” بعض الأساليب نفسها التي تستخدمها شركات التكنولوجيا لتحسين نتائج البحث وتصنيف الصور. حيث قاموا بتدريب خوارزمية تعرف باسم الشبكة العصبية الاصطناعية للتعرف على الإشارات التي عثر عليها في الدراسة الاولية لـ “غاجار” و فريقه البحثي.

و اعتمد الفريق على منصة الذكاء الاصطناعي لشركة “آي بي إم” لتحليل أكثر من 20 مليون إشارة تم التقاطها بواسطة التلسكوبات الراديوية ، و استخدموا تقنيات تعلم الآلة لتحسين إمكانية تحديد إشارات الاهتمام الشاذة وتحديدها لمزيد من الفحص. ثم وضعها على قاعدة البيانات للعثور على إشارات لم يستطع النهج التقليدي اكتشافها.

و قد ساعدت هذه النتائج في تحديد معلومات جديدة على دورية التدفقات الراديوية السريعة من “FRB 121102” ، مما يوحي بأن النبضات لا يتم تلقيها بنمط منتظم .

و قال “Bill Diamond” رئيس معهد SETI :  “هذه النتائج تشير إلى أنه يمكن أن تكون هناك أعداد كبيرة من الإشارات الإضافية التي لم تكتشفها خوارزمياتنا الحالية و هو مايبز تطبيق تحليلات البيانات الحديثة وأدوات الذكاء الاصطناعي على الأبحاث الفلكية” .

تم وصف النتائج الجديدة في مقالة مقبولة للنشر في مجلة الفيزياء الفلكية وهي متاحة للتنزيل من موقع “Breakthrough Listen”.

تلسكوب كيبلر يستأنف عمليات البحث عن الكواكب الخارجية

المصدر