لأول مرة ، علماء “مصادم الهدرونات الكبير” يتمكنون من رصد تفاعلات مباشرة لجسيمات “بوزون هيغز”

لأول مرة، قام الفيزيائيون بقياس التفاعل بين أثنين من الجسيميات الأساسية المعروفة استنادا الى النظريات الرائدة في الجسيمات تحت الذرية.

تم نشر النتائج الدراسة الجديدة في مؤتمر الفيزياء “Collider Physics 2018” في بولونيا ، إيطاليا. وقد تم إنجاز هذا الاكتشاف بشكل مستقل من خلال تجربتين ( تجربة أطلس ، و تجربة “لولب مركب للميون” اختصارا CMS  ) و كذلك باستخدام البيانات المسجلة في مصادم الهدرونات الكبير CERN،( المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية بالقرب من جنيف في سويسرا).

هذه النتائج متاحة للجمهور في ورقتين بحثيتين ، واحدة تم نشرتها ، و أخرى تم تقديمها الأسبوع الماضي لنشرها .

يفسر النموذج القياسي لفيزياء جسيمات الكون من حيث عدد صغير من القوى الأساسية ، التي تعمل على مجموعة من الجسيمات الأساسية. ومن بين تلك الجسيمات : “بوزون هيغز” ، الذي تم اكتشافه في عام 2012 ويساعد على تفسير أصل كتلة الجسيمات (تم التنبؤ لأول مرة ببوزون هيغز في عام 1964 من قبل  الفيزيائي الإسكتلندي “بيتر هيغز”) .

و سعياً وراء فهم أعمق لخصائص “بوزون هيغز” ، قام الباحثون بفحص البيانات من مصادم الهدرونات الكبير CERN، و استخدم أعضاء فريق الدراسة “CMS Collaboration” جهاز كشف متخصص لدراسة شظايا الجسيمات التي تم إنشاؤها عندما القيام بمصادمة البروتونات إلى بعضها البعض بسرعات عالية. و قام الفريق بقياس إنتاج جسيمات بوزونات هيغز إلى جانب الكواركات العلوية و نظرائهم من المادة المضادة في الكواركات.

حققت كل تجربة تصادم أكثر من كوادريليون (مليون مليار) زوج من البروتونات معا، و سجلت أكثر من مليار من هذه التصادمات. ومن بين هذه الحالات ، لم ينتج سوى بضع مئات من التفاعلات بين “بوزون هيغز” و “الكوارك العلوي”.

و كان تحديد تلك القياسات صعباً للغاية لأن الكواركات العلوية تنتج في 1 في المائة فقط من التصادمات التي ينتج عنها “بوزون هيغز”. و حتى هذه الأرقام المذهلة لا تعبر عن الصعوبة الحقيقية التي تنطوي عليها هذه القياسات. حيث يتحلل كل من “الكوارك العلوي” و “الكوارك المضاد” في كل تفكك الى ثلاث جزيئات ابنة أما “بوزون هيغز” إلى اثنتين.

ولأن “بوزونات هيغز” و “الكواركات العلوية” هي جسيمات قصيرة العمر ، فإنها تتحول على الفور إلى جزيئات جديدة أكثر استقرارًا ، و كثير منها يتحلل أيضًا. هذا الانتقال السريع من جيل إلى جيل يجعل من الصعب – على الرغم من أنه ليس مستحيلاً – استعادة نسب الجسيمات التي تم اكتشافها إلى أساسها المشترك.

و أظهرت الملاحظات مباشرة – و لأول مرة – أن قوة التفاعلات بين “بوزون هيغز” و “الكوارك العلوي” تتوافق مع توقعات النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات.

اكتشف اثنان من تجارب كاشف الجسيمات في مصادم الهدرونات الكبير LHC إنتاج متزامن للجسيمين خلال عملية ذرية نادرة. وقد تم اختيار العديد من الفيزيائيين من قسم الفيزياء في جامعة نوتر دام كمساهمين في هذا الاكتشاف ، وساعدهم باحثون في مركز الأبحاث وقسم علوم وهندسة الكمبيوتر.

و ساهم فيزيائيون من جامعة نوتردام في واحدة من تجارب أجهزة الكشف عن الجسيمات ، عبر تجربة جهاز القياس الضخم “لولب مركب للميون” (CMS) ، و منذ بنائه في عام 1998. كان “مايكل هيلدريث” ، أستاذ الفيزياء ، و “كيفن لانون” ، أستاذ مشارك في الفيزياء ، باحثين فاعلين في تطوير تقنيات التحليل اللازمة لجعل الرابط النهائي الحالي بين “الكوارك العلوي” و “بوزون هيغز”.

و عمل “هيلدريث” و “لانون” مع طلابهما لقياس اقتران “بوزون هيغز” مع “الكواركات العلوية” ، لأن التضمينات المحددة للنتائج لها توقيعات مختلفة. واعتمدوا على مركز أبحاث الحوسبة من أجل توليد أحداث محاكاة واستكمال تحديد البيانات ، على حد قول “هيلدرث”.

و شاركك باحثون من جامعات نوتردام ، فيرجينيا  وجامعة ولاية أوهايو في تطوير أول سلسلة من القياسات في عام 2012 ، وهو العام الذي تم اكتشاف “بوزون هيغز” فيه.

وقال “هيلدريث” : “كانت هذه العلاقة بين الكواركات العلوية و بوزون هيغز هي العلامة الأساسية التالية في إنشاء حقول هيغز ، وهي واحدة من الاكتشافات الرئيسية لمصادم الهدرونات الكبير LHC “. “وأعتقد أننا حققنا ذلك في وقت أبكر من التوقعات”.

تكتسب الجسيمات الأساسية كتلة من خلال تفاعلها مع حقل هيغز ، لذا من المنطقي أن يكون “الكوارك العلوي” – وهو الجسيم الأكثر ضخامة الذي تم اكتشافه على الإطلاق – مزاوجًا قويًا مع “بوزون هيغز” . لكن العلماء احتاجوا إلى اختبار كل جانب من جوانب النظرية من أجل التحقق من ذلك بشكل كامل.

و قبل اكتشافه ، كان باحثوا النظرية يملكون صورة جيدة عن الطريقة التي كان من المفترض أن يتصرف بها “بوزون هيغز” ، وفقًا للنموذج القياسي لفيزياء الجسيمات. والآن بعد أن تمكن العلماء من إنتاج ودراسة “بوزون هيغز” ، بقي سؤال كبير حول ما إذا كان يمكنه أن يتفاعل مع الكواركات كما هو متوقع ، وإذا كان الأمر كذلك ، فما قد تبدو عليه هذه العلاقة.

و تقول “آنادي كانيبا” ، الرئيسة الجديدة لإدارة “CMS” في مختبر “Fermilab” : “لقد تم التنبؤ ببوزون هيغز في الأصل لأنها ساعدت في تفسير سبب اكتساب بعض الجسيمات الحاملة للقوة كتلة محددة بينما بقي البعض الآخر منها بلا كتلة ، ومع ذلك ، فإن بوزون هيغز يمنح الكواركات كتلة”.

و على الرغم من أن العلماء يشكون في أن “بوزون هيغز” يتفاعل بشكل أقوى مع “الكوارك العلوي” ، (الذي تم اكتشافه في عام 1995) أكثر من أي نوع آخر من الجسيمات، فإن جميع الأدلة حتى وقت قريب كانت أقل من العتبة المطلوبة للتحقق من الاكتشاف.

ويجدر الإشارة الى أن “الكواركات العلوية” لعبت دورا رئيسيا في أبحاث جسيمات “هيغز” حتى قبل أن يكتشفها العلماء . و استخدم النظريون قياسات “الكوارك العلوي” لمساعدتهم على التضييق على كتلة “بوزون هيغز” لاكتشافه ، حيث يساعد الفيزيائيين على فهم قوة حقل هيغز عند طاقات مختلفة. كما يلعب دورًا كبيرًا في إنتاج جسيمات “بوزون هيغز”.

و يقول الفيزيائي “كارل جاكوبس” ، المتحدث باسم تعاون “تجربة أطلس” : “هذه القياسات من قبل تعطي مؤشرا قويا على أن بوزون هيغز له دور رئيسي في القيمة الكبيرة لكتلة الكوارك العلوي”.

و أضاف : “على الرغم من أن هذا بالتأكيد سمة رئيسية في النموذج القياسي ، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التحقق من ذلك بشكل تجريبي مع نتائج دقيقة”.

وقال “كريس نيو” ، عالم الفيزياء بجامعة فيرجينيا الذي عمل على تجربة “لولب مركب للميون” CMS : “هذه العملية نادرة لدرجة أننا كنا نحتاج إلى دمج النتائج من توقيعات بوزونات هيغز المختلفة لزيادة دقة القياسات إلى أقصى حد و تأسيس إشارة هيغز العليا”.

الخطوة التالية هي قياس قوة الاقتران بدقة وتحديد ما إذا كانت مطابقة للتنبؤات. و سوف تستمر دراسات أخرى في استكشاف سلوك “بوزون هيغز” وكيف تتناسب مع الفسيفساء العالمية للمادة.

وقال “لانون”: “نحن نعلم الآن أن كتلة الكوارك العلوية تأتي بالتأكيد من اقترانها مع “بوزون هيغز” . ما لا نفهمه هو أنه يقترن بقوة مع الكواركات العلوية أكثر من أي نوع آخر من الكواركات … هذا هو اللغز التالي الذي يهمني العمل على كشفه “.

سيستمر مصادم الهدرونات الكبير LHC في إجارء التجارب حتى شهر ديسمبر 2019، ثم يتم تعليق عملياته لمدة عامين من أجل إجراء عمليات ترميم وتجديد لكل من المسرع و تجاربه. وسيتم إعادة تشغيله في عام 2021 ، و من حينها وحتى 2030 ، و يتوقع التعاون العلمي للباحثين أنه بعد التحديثات سيتم تسجيل بيانات أكثر بـ 30 مرة عما سجله المصادم في الفترة بين 2011 و 2018.

تم نشر هذا البحث في المجلة العلمية Physical Review Letters.

علماء يطورون نهجاً جديداً لتسريع بحوث الهندسة الحيوية باستخدام تقنيات تعلم الآلة

المصادر : 123

تعليقان

    التعليقات معطلة.