باحثون من معهد “MIT” يتمكنون من تطوير روبوتات ذاتية التشغيل بحجم الخلايا البشرية

تمكن باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT من ابتكار ما قد يكون أصغر روبوت حتى الآن يستطيع استشعار بيئته بالإضافة الى تخزين بيانات وحتى القيام بمهام الحوسبة. و تتكون هذه الأجهزة المجهرية ، التي تقارن بحجم خلية بويضة بشرية ، من دوائر إلكترونية صغيرة مصنوعة من مواد ثنائية الأبعاد ، توضع على جزيئات صغيرة تسمى ” الغرويات” colloids.

الغرويات ، و هي عبارة عن جسيمات أو جزيئات غير قابلة للذوبان في أي مكان من مقياس المليار إلى المليون من المتر ، فهي صغيرة جدًا بحيث يمكن أن تظل معلقة إلى أجل غير مسمى في سائل أو حتى في الهواء. و من خلال اقتران هذه الأجسام الدقيقة بالدارات المعقدة ، يأمل الباحثون في وضع الأساس للأجهزة التي يمكن أن تنتشر للقيام برحلات تشخيصية بدءا من الجهاز الهضمي البشري وصولا الى خطوط أنابيب النفط والغاز ، أو ربما من خلال الهواء لقياس المركبات العضوية داخل معالج كيميائي أو مصفاة.

و يوضح “Michael Strano” ، أستاذ الهندسة الكيميائية في معهد MIT ماساتشوستس للتكنولوجيا ، وكبير الباحثين في الدراسة ، التي نشرت يوم 23 يوليو في مجلة “نايتشر نانوتكنولوجي” : “أردنا أن نكتشف طرقًا لتطعيم دوائر إلكترونية كاملة سليمة على جسيمات الغروايات”.

و يقول “Strano” : “يمكن للغرويات الوصول إلى بيئات متناهية الصغر والسفر بطرق لا يمكن للمواد الأخرى تحقيقها “. فعلى سبيل المثال ، يمكن لهذه الجسيمات أن تطفو في الهواء إلى أجل غير مسمى لأنها صغيرة بما فيه الكفاية بحيث تكون الحركات العشوائية المنبعثة من جزيئات الهواء المتصادمة أقوى من قوة الجاذبية. وبالمثل ، فإن الغرويات المعلقة في السائل لن تستقر أبدا.

robot sells.gif

البنية المعقدة و آفاق الإستخدامات

و تشير الدراسة الى أنه في حين عملت مجموعات بحثية أخرى على إنشاء أجهزة روبوتية صغيرة مماثلة ، فقد كان التركيز على تطوير طرق للسيطرة على حركة الجسيمات، على سبيل المثال ، من خلال بنية السياط التي تشبه الذيل والتي تستخدمها بعض الكائنات الميكروبية لدفع نفسها. لكن الباحثين يرون أن هذا قد لا يكون النهج الأكثر نجاحًا ، نظرًا لأن السياط  وأنظمة الحركة الخلوية الأخرى تستخدمها في المقام الأول لتحديد المواقع على المستوى المحلي ، بدلاً من الحركة على مستوى أكبر .

و يقول “Strano” : “بالنسبة لمعظم الأغراض ، فإن جعل هذه الأجهزة أكثر فاعلية أكثر أهمية من جعلها أكثر جاذبية”.

كما أن الروبوتات الصغيرة التي يصنعها فريق معهد MIT هي ذاتية التشغيل ، ولا تتطلب أي مصدر طاقة خارجي أو حتى بطاريات داخلية. يوفر الثنائي الضوئي البسيط تيارات الكهرباء التي تتطلبها دوائر الروبوتات الصغيرة لتشغيل داراتها الحسابية و معالجة الذاكرة. و هذا يكفي للسماح لها بالحصول على معلومات حول بيئتها ، وتخزين هذه البيانات في الذاكرة ، ليتم استخلاصها وقت لاحق بعد إنجاز المهمة.

و يقول “Volodymyr Koman” و هو الباحث الرئيسي إن مثل هذه الأجهزة يمكن أن تكون في نهاية المطاف نعمة لصناعة النفط والغاز. حيث في الوقت الحالي الطريقة الرئيسية للتحقق من وجود تسربات أو مشكلات أخرى في خطوط الأنابيب هي أن يكون هناك طاقم بشري يقوم بحملة فحص على طول الأنبوب بأدوات باهظة الثمن.

من حيث المبدأ ، يمكن إدخال الأجهزة الجديدة في أحد طرفي خط الأنابيب ، والذي تنتقل مع التدفق ، ثم يتم إزالته في الطرف الآخر ، مما يوفر سجلًا للظروف التي واجهتها على طول الطريق ، بما في ذلك وجود ملوثات قد تشير إلى موقع المشكلة.

يجدر الإشارة الى ان أجهزة إثبات الفكرة المبدئية التي طورها الفريق البحثي لم تكن تحتوي على دارة التوقيت التي تشير إلى موقع قراءات بيانات معينة ، ولكن إضافة هذه الدارات هو جزء من البحوث المستمرة للفريق.

وعلى نحو مشابه ، يمكن استخدام هذه الجسيمات لأغراض التشخيص في الجسم ، على سبيل المثال المرور عبر الجهاز الهضمي بحثًا عن علامات الالتهاب أو مؤشرات الأمراض الأخرى ، كما يقول الباحثون.

تحتوي معظم الرقاقات الدقيقة التقليدية ، التي تعتمد على السيليكون أو سيموس CMOS ، على ركيزة مسطحة صلبة ولا تؤدي بشكل صحيح عند ربطها بالغرويات التي يمكن أن تعاني من الضغوط الميكانيكية المعقدة أثناء السفر عبر البيئات المختلفة.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن جميع هذه الرقاقات “متعطشة للطاقة” ، لهذا السبب قرر الفريق تجربة المواد الإلكترونية ثنائية الأبعاد ، بما في ذلك الغرافين و الكالكوجينيد المعدني الانتقالي ، والذي وجد أنها يمكن أن تعلق على أسطح الغرويات حيث تبقى تعمل حتى بعد إطلاقها في الهواء أو الماء.

كما لا تتطلب هذه الأجهزة الإلكترونية ذات الأغشية الرقيقة سوى كميات ضئيلة من الطاقة. و يقول “Koman” : “يمكن أن تعمل بالطاقة بواسطة شبكات متناهية الصغر ذات جهد ثانوي”.

detection.gif

لماذا لا تستخدم فقط الإلكترونيات ثنائية الأبعاد وحدها ؟

هذه المواد الصغيرة هشة للغاية لا يمكن أن تماسك وتعمل. يقول “Strano” : “لا يمكن أن توجد بدون ركيزة. و نحن بحاجة إلى دمجها مع جسيمات أخرى لمنحها صلابة ميكانيكية وجعلها كبيرة بما يكفي للتحرك بسلاسة في التدفق”.

لكن المواد ثنائية الأبعاد : “قوية بما فيه الكفاية للحفاظ على وظائفها حتى على ركائز غير تقليدية” مثل الغرويات ، حسب “Koman”.

الأجهزة النانوية التي يتم إنتاجها بهذه الطريقة هي جسيمات ذاتية التشغيل تحتوي على إلكترونيات لتوليد الطاقة والحساب والمنطق وتخزين البيانات في الذاكرة. و يتم تشغيلها بالضوء وتحتوي على مكشافات ضوئية صغيرة تسمح بمعرفة مكان تواجدها بسهولة. ويمكن بعد ذلك استخلاص البيانات التي جمعتها . و مع مواصلة البحوث ، يأمل الفريق في إضافة قدرات الاتصالات للسماح للجزيئات بتسليم بياناتها دون الحاجة إلى الاتصال المادي.

الجهود الأخرى المبذولة في مجال الروبوتات النانوية “لم تصل إلى هذا المستوى” في إنشاء الإلكترونيات المعقدة التي تكون صغيرة بما يكفي وفعالة من حيث استهلاك الطاقة للتعرض للهواء أو تعليقها في سائل غرواني . و يضيف “Strano”  : ” هذه جسيمات ذكية جدًا وفقًا للمعايير الحالية، إننا نرى هذه الورقة مقدمة لعصر جديد في مجال الروبوتات”.

تشمل قائمة فريق الباحثين ، و جميعهم من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا : Pingwei Liu ، و Daichi Kozawa ، و Albert Liu ، و Anton Cottrill ، و Youngwoo Son ، و Jose Lebron. تم دعم الدراسة من قبل مكتب الأبحاث البحرية في الولايات المتحدة الأمريكية و مؤسسة العلوم الوطنية السويسرية.

باحثون من جامعة ميشيغان يتفوقون على “آي بي إم” بتطوير أصغر كمبيوتر في العالم

المصدر