علماء ناسا يكتشفون أدلة على إنبعاث أعمدة بخار الماء من “قمر أوروبا” بعد دراسة البيانات القديمة للمركبة الفضائية “غاليليو”

على مدى السنوات القليلة الماضية ، اقترح العلماء أن صور تلسكوب هابل الفضائي تظهر أعمدة من الماء تنفجر من سطح قمر أوروبا الجليدي التابع لكوكب المشتري .

الآن ، و بعد دراسة العلماء على مدى عقود للبيانات القديمة من المركبة الفضائية “غاليليو” فقد اكتشفوا أنها اقتربت بالفعل من واحدة من هذه الأعمدة خلال رحلتها . ويعد هذا أفضل دليل حتى الآن على أن رابع أكبر قمر لكوكب المشتري يقوم في الواقع بإطلاق الماء إلى الفضاء.

و جاءت هذه البيانات من مسبار “غاليليو” الذي أطلقته وكالة ناسا  في عام 1989. و قد وصلت المركبة الفضائية إلى كوكب المشتري في عام 1995 في مهمة لدراسة العملاق الغازي و أقماره ، لتدعم بحوث العلماء يبعض البيانات المذهلة و الأكثر تفصيلاً عن العوالم البعيدة.

و في عام 1997 ، صعد مسبار الفضاء غاليليو في نطاق 130 ميلاً من سطح قمر أوروبا الجليدي ، وهو أحد أكبر أقمار المشتري. قياسات غاليليو المغنطيسية لأوروبا اقترحت أن القمر يخفي محيطًا شاسعًا مالحًا يحتوي على مياه أكثر من الموجودة على الأرض.

لكن المسبار لم يسبق له أن واجه أيًا من تلك الأعمدة ( أو هكذا فكر العلماء في ذلك الوقت).

و من خلال إعادة تحليل بيانات غاليليو القديمة ، اكتشف الباحثون أن المركبة قد طارت بطريق الخطأ من خلال أعمدة بخارية عملاقة أو كتلة من الماء تنبعث من محيط قمر أوروبا. وقد نشر الفريق الدراسة الجديدة يوم الاثنين (14 مايو) في مجلة Nature Aststronomy.

وقال “ستيف فانس” ، عالم الكواكب في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا الذي لم يشارك في الدراسة: “إذا كان هذا التفسير الجديد صحيحًا ، يبدو من المرجح أن أوروبا لديها انفجارات متكررة في الأعمدة البخارية ، وقد نشهد المزيد من هذه الظاهرة في السنوات القادمة”.

و يعتقد الباحثون الذين يدرسون الأقمار الجليدية مثل أوروبا أن مهمتين جديدتين ستطيران في أقرب وقت – واحدة من قبل وكالة الفضاء الأوروبية وأخرى من وكالة ناسا – يمكن أن “تشتم و تتذوق” أعمدة الماء أثناء الإقتراب منها اكثر مرة أخرى.

وقد يساعد هذا العلماء على تحديد ما إذا كان محيط قمر أوروبا قابل للحياة – أو على الأقل الكشف عن علامات بشكل مباشر – دون الحاجة إلى إرسال مسبار على سطح القمر.

يعتقد علماء الكواكب أن هناك محيطًا خفيًا في قمر أوروبا قد يكون صالحًا للحياة . فالمغذيات التي ترش على الجليد بواسطة القمر البركاني القريب “Io” ، يذهب تفكير العلماء ، الى أنها قد تنزلق إلى قاع المحيط وتكون بمثابة طعام. وفي الوقت نفسه ، يمكن للفتحات الحرارية المائية التي تفجر الماء الساخن أن تجعل البيئات ملائمة بما يكفي لدعم الحياة في أعماق المحيطات (كما فعلت وما زالت تفعل على الأرض).

و يعتقد الفريق أيضا أن كل تلك التغييرات الغريبة في المجال المغناطيسي تحدث لأن بعض الجسيمات الموجودة في أعمدة الماء لـ قمر أوروبا تحمل شحنات محددة و التي تتفاعل مع جسيمات مشحونة أخرى تدور حول القمر.

يمتلئ الفضاء حول أوروبا بالجسيمات المتدفقة من القمر البركاني الآخر للمشتري “Io” و الذي ينفجر باستمرار ويطلق الغازات والبلازما. لذلك عندما تنفجر أعمدة الماء من قمر أوروبا ، تصطدم هذه الجسيمات مع الجزيئات المنبعثة  من قمر “Io” ، مما يتسبب في تفاعلات مشحونة كهربائيا و التي تخلق تقلبات في المجال المغناطيسي للقمر.

و لطالما اشتبه الباحثون في أن قمر أوروبا ترشّ أعمدة من الماء إلى الفضاء كما يفعل القمر الجليدي إنسيلادوس التابع لكوكب زحل. لكن و حتى الآن ، من الصعب الحصول على أدلة قوية.

و كانت أفضل البيانات التي صدرت سابقاً من تلسكوب هابل الفضائي ، التي قامت باتقاط صور لـ أوروبا مارا أمام المشتري في عامي 2012 و 2014. وأظهرت الصور ظاهرة السحب المضيئة التي تنبعث من المشتري في ما يشبه أعمدة الماء التي تنطلق الى مسافة 125 ميلاً في الفضاء.

و في حين أن قياسات هابل “تم إجراؤها في ظروف غير معروفة”، مما يلقي بظلال من الشك على موثوقيتها ، كما قال مؤلفو الدراسة الاثنين ، ومع ذلك فقد ألهموا الفريق لإعادة تقييم بيانات غاليليو التي تم نشرها منذ 20 عامًا.

نظرة جديدة على البيانات القديمة

Screenshot_23

و قالت “مارغريت كيفيلسون” عالمة مشروع خلال بعثة غاليليو وهي مؤلفة الدراسة الجديدة. بصفتها عالمة فيزياء فضائية ، أن رحلة “غاليليو” الذي قام بـ 11 دورة لإجراء قراءات مغناطيسية مفصلة ، ساعد في النهاية على إثبات وجود المحيط تحت سطح القمر.

و أضافت “كيفيلسون” التي تعمل حاليا بجامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس يوم الاثنين في تلفزيون ناسا : “كانت هناك بعض البيانات الغريبة حول المجال المغناطيسي التي لم نكن قادرين على تفسيرها”.

أعطت بيانات هابل الأخيرة لـ “كيفيلسون” وغيرها فكرة مفادها أن أعمدة الماء قد تكون مسؤولة عن هذه الظاهرة ، حيث أن المركبة الفضائية قد اقتربت بشكل كبير من قمر أوروبا بما يكفي لتحلق من خلال واحدة منها.

و لذا قام الفريق بإعادة تحليل بيانات غاليليو المغناطيسية بأجهزة الكمبيوتر والتقنيات الحديثة ، بما في ذلك محاكاة “Zianzhe Jia” ، عالِم الفضاء في جامعة ميتشيغان ، لدراسة ما يمكن أن تفعله أعمدة الماء لأدوات مسبار غاليليو.

وقالت :”كيفيلسون” : “عندما كان يدير هذه المحاكاة ، اتفقت بشكل كبير مع البيانات التي جمعناها في عام 1997…. و لا يشير اكتشافها فقط إلى وجود أعمدة مائية في قمر أوروبا ، ولكنها أيضًا متكررة ومنتشرة”.

وقال “بوب بابالاردو” عالم الكواكب في مختبر الدفع النفاث بوكالة ناسا والذي لم يكن مشاركا في الدراسة لتلفزيون ناسا : “اذا عثرنا على اعمدة نشطة فيمكننا الطيران من خلالها و جمع بيانات أكثر عن ماهيتها حيث يمكننا تحليل الجسيمات والغازات للحصول على تركيبة مفصلة من داخل أوروبا”.

و سيكون هذا الاكتشاف الأخير خبرا جيدا للبعثتين القادمتين بقيمة مليارات الدولارات إلى كوكب المشتري و أقماره.

ومن المقرر أن تطلق المركبة الفضائية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ، المعروفة باسم Jupiter Icy Moons Explorer  في عام 2022 و من المتوقع ان تصل إلى المشتري في عام 2030.

المهمة الأخرى هي مسبار “كليبر” من ناسا الذي تبلغ تكلفته ملياري دولار ، والذي قد يطلق في وقت ما بين عامي 2022 و 2025 و يصل الى العملاق الغازي بعد نحو نصف عقد تقريبا.

مسبار “كليبر” سيقوم بحوالي 47 عملية تحليق ودوران على بعد 20 ميلاً من سطح القمر. ومن شأن ذلك أن يمنحه قدرة وصول غير مسبوقة إلى أعمدة الماء لدراستها أملا في العثور على الأملاح والمركبات العضوية والمواد الكيميائية الأخرى.

وقال “فانس” عن بعثة “كليبر”: “تم تصميم الآلات … مع وضع الأعمدة البخارية لـ قمر أوروبا في الاعتبار ، مما يسمح لنا باستنتاج تركيبة المحيطات ، وبالتالي مدى ملاءمتها للحياة ، وحتى للبحث عن علامات كيميائية مباشرة للحياة “.

 

اقرأ أيضا : وكالة ناسا تخطط لإرسال طائرة مروحية صغيرة الى كوكب المريخ

 

المصادر : 12-3

تعليقان

    التعليقات معطلة.