“ناسا” تعلن تأجيل إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي إلى عام 2020

يعد برنامج تلسكوب “جيمس ويب الفضائي” بالتأكيد أحد أكثر المشاريع المنتظرة من وكالة “ناسا” ، سواء بسبب قدراته الهائلة أو خطط الإطلاق و التأجيلات المتتالية منذ أكثر من عقدين من الزمن ، و يبدو ان المجتمع العلمي سينتظر اكثر حيث تم تأجيل الإطلاق المتوقع سابقًا في منتصف عام 2019 (وقبل ذلك في أكتوبر 2018) إلى مايو 2020 على الأقل.

ومن المرجح أن يرفع هذا التأخير في البرنامج من الميزانية المخصصة البالغة 8 مليارات دولار. ويعتبر هذا الأمر نكسة أخرى للتلسكوب الذي ينتظره العلماء  منذ أكثر من عقدين.

و كان التأجيل متوقعا. حيث توقعت مراجعة من مكتب المساءلة الحكومي في وقت سابق من هذا الشهر أنه يتوقع أن يكون هناك المزيد من التأخير في برنامج “تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST” .

و تقول ناسا إن جميع أجهزة الطيران مكتملة، لكن تحتاج إلى مزيد من الوقت لاختبار أدوات المركبة الفضائية في مرافق كاليفورنيا في شركة “نورثروب جرومان”. كما أن الشركة يلزمها أيضا إلى وقت إضافي لتجميع المركية (جزء التلسكوب وجزء المركبة الفضائية) .

و قال “توماس زوربوشن” ، رئيس إدارة البعثة العلمية في الوكالة ، خلال مؤتمر صحفي يوم امس الثلاثاء: “استغرق الأمر وقتًا أطول و لقد أخطأنا في تقدير ذلك”.

ارتفاع الميزانية بشكل كبير

كان من المتوقع في البداية أن تبلغ تكلفة برنامج تلسكوب ” جيمس ويب الفضائي JWST “ في عام 1996 ما بين 1 مليار دولار و 3.5 مليار دولار ، مع تحديد موعد الإطلاق ما بين عامي 2007 و 2011.

لكن تكلفة المشروع زادت طوال مدة التأجيل، حيث ارتفعت إلى ما يزيد عن 4.5 مليار دولار ، حيث تم تأجيل إطلاق التلسكوب باستمرار. ثم في عام 2011 ، قامت ناسا بإعادة هيكلة برنامج “JWST”  و تم تحديد موعد إطلاق جديد لعام 2018 ، ووضع الكونغرس تكلفة تطوير التلسكوب عند 8 مليارات دولار.

و بعد ذلك ، قالت ناسا أن البرنامج سيكلف في نهاية المطاف حوالي 8.8 مليار دولار ، مع مبلغ إضافي قدره 837 مليون دولار اللازم لتشغيل التلسكوب في الفضاء.

و في سبتمبر الماضي ، دفعت ناسا موعد إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي الى ربيع عام 2019 ، بسبب الوقت اللازم لوضع قطع المركبة الفضائية معًا. لكنها ادعت أن الميزانية الحالية للبرنامج سوف تستوعب التأخير.

أما الآن ، فتقول ناسا أنها ستقدم قيمة تقديرية بشأن هذا التأخير الذي سيتجاوز الحد الأقصى البالغ 8 مليارات دولار. وهذا يعني أن الكونغرس سوف يحتاج إلى إعادة تفويض البرنامج من أجل استمراريته . و من غير الواضح كيف ستجمع وكالة ناسا التكاليف المتزايدة ، حيث إنها تتوقع ميزانيات ثابتة في السنوات القادمة.

و على الرغم من كل التأخيرات والأموال الإضافية ، يبدو أنه من غير المحتمل أن يتم إلغاء برنامج “JWST”. وقد تم بالفعل تركيب المرآة الأولية وأدوات المركبة الفضائية و التي خضعت لاختبارات كثيرة في العديد من مراكز ناسا. و يعني إلغاء البرنامج التخلص من 7.3 مليار دولار استثمرتها وكالة ناسا حتى الآن.

و يقول “جرانت تريمبلاي” ، عالم الفيزياء الفلكية في مركز “هارفارد سميثسونيان” للفيزياء الفلكية ، لموقع “ذا فيرج” : “لقد دخلنا مجال التكلفة الغارقة لكننا سنطلق هذا الإنجاز في وقت قريب “.

تفاصيل البرنامج

من المقرر أن يتم إطلاق التلسكوب إلى الفضاء فوق صاروخ “أريان 5” الأوروبي من جزيرة “جيانا الفرنسية” في أمريكا الجنوبية ، حيث يتم وضعه خارج مدار الأرض بمسافة حوالي كيلومتر .

وبمجرد نجاح العملية ، سيحصل التلسكوب على لقب المرصد الفضائي الأقوى في العالم ، وذلك بفضل 18 مرآة سداسية من البريليوم ، وجميعها مغطاة بطبقة رقيقة من الذهب ،  و تشكل هذه القطع مرآة أساسية واحدة عملاقة تمتد على ارتفاع أكثر من 21 قدمًا (6.5 متر). أي أكبر ست مرات من المرآة على تليسكوب هابل الفضائي التابع لناسا ، والذي يدور حاليًا حول الأرض.

هذه المرآة الضخمة سوف تعطي تلسكوب جيمس ويب الفضائي دقة لا تصدق . و سيكون التلسكوب قادرا على النظر في أجواء الكواكب خارج نظامنا الشمسي و يلقي نظرة خاطفة من خلال السحب الهائلة من الغبار لمراقبة ولادة النجوم الجديدة و الأنظمة الكوكبية.

ولكن قبل كل شيء ، سيتمكن التلسكوب من التقاط الضوء من النجوم و المجرات المتفجرة قبل ملايين السنين في الكون .حيث يُعتقد حتى الآن أن عمر الكون حوالي 13.8 مليار سنة.

و بسبب قدرات و آفاق برنامج “JWST” ، فإن العديد من علماء الفلك يتنافسون للمشاركة .  و في العام الماضي ، أرسل معهد مراصد علوم الفضاء  ، الذي يشرف على برنامج مراصد هابل الفضائي و جيمس ويب ، دعوة إلى علماء الفلك لتقديم مقترحات حول كيفية استخدامهم لتلسكوب “جيمس ويب” ، مع وقت مراقبة يصل إلى 6000 ساعة.

و كان من المقرر طرح هذه المقترحات يوم الجمعة المقبل 6 أبريل ، لكن الموعد النهائي قد تم تمديده حتى 1 فبراير 2019. و يقول “جرانت تريمبلاي” :  “يتغير العلم كثيرًا خلال عام … ستتطور اختيارات الدراسة ، وستتطور استراتيجيات المراقبة  وسوف يتطور التعاون” ، مضيفا :  “لذلك من الصعب للغاية الآن تقديم اقتراح لمركبة فضائية قد لا يتم إطلاقها لمدة عامين”.

بالإضافة إلى ذلك ، قد يكون هناك المزيد من التأخير في الطريق. وتقول ناسا إنها واثقة بنسبة 70 في المائة فقط من قدرتها على الوفاء بموعد الإطلاق الجديد في مايو 2020.

و خلال المؤتمر صحفي ، اعترف المسؤولون في ناسا بأن عددًا من الأخطاء قد ارتكبت خلال تركيب المركبة الفضائية من قبل شركة “نورثروب غرومان”. و على سبيل المثال ، تسببت الشركة عن طريق الخطأ بسبع تشوهات صغيرة في الدرع الواقي من الشمس – وهي قطعة مهمة من المعدات التي ستحمي “JWST” من أن تتفحم من أشعة الشمس – وقالت ناسا أنه قد تم إصلاح هذا الأمر .

و تضيف ناسا أنها ستستغرق كل الوقت الذي تحتاجه لتركيب التلسكوب بشكل صحيح حيث إذا حدث هناك عطل للمركبة الفضائية في أعماق الفضاء ، فليس لدى ناسا أي خطط لإنقاذها.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن المركبة الفضائية لديها عمليات تموضع معقدة بشكل لا يصدق. و يجب أن يتم ذلك ببطء خلال أسبوعين لتكون جاهزة للقيام بعملياتها ، وإذا فشلت خطوة واحدة ، فقد يؤدي ذلك إلى تعريض المهمة بأكملها للخطر.

و في حين أن التأخيرات تبعث على الإحباط ، الا إن العلماء لا يزالون متمسكون بالبرنامج برغم طول المدة و العقبات التي تظهرفي كل مرة ، كما تقول “ترمبلاي” : “بما ان عمر الكون يبلغ 13.8 مليار سنة ، يستطيع المجتمع العلمي انتظار سنة أخرى أو أكثر”.

 

اقرأ أيضا : تجميع صاروخ “أطلس 5” استعدادًا لبعثة المركبة الفضائية “InSight” التابعة لناسا إلى الكوكب الأحمر

 

 

 

المصادر : 1 – 2

تعليقان

    التعليقات معطلة.